الجمعيات العمومية العادية منها وغير العادية للشركات يسيرها براحة تامة كبار الملاك وليس غيرهم، وهم الذين لهم السطوة واليد العليا في كل قرارات الجمعيات، والتي أصبحت دور أغلبها مجرد التصديق لا أكثر ولا أقل على بنود جدول الأعمال والذي وضعه في الأساس مجلس الإدارة المدعوم من قبل كبار الملاك، سواء كانت هذه الشركات رابحة أم خاسرة. وما أكثر الشركات الخاسرة التي يستمر مجلس إداراتها في موقعه بدعم من كبار الملاك لفترة وفترتين وربما أكثر من ذلك بالرغم من الخسائر المحققة، وفي الوقت ذاته لا أحد يسمع أو يستجيب لصوت معارض من صغار المساهمين من الجمعيات العمومية اعتراضاً على أداء مجالس إدارات بعض الشركات.
وكما نرى وزارة المالية ممثلة في الهيئة العامة للاستثمار عادة ما تكون أكبر مالك في الشركات تتنازل عن دورها المهم والمؤثر برضا تام لمصلحة كبار الملاك لسبب غير معروف ومقبول أيضاً.
كذلك هناك أمر لافت للنظر وهو توريث المناصب المهمة والمؤثرة في تلك الشركات، خصوصاً منصب رئيس مجلس الإدارة أو نائب الرئيس أو العضو المنتدب، فنرى الأب يتنازل لابنه والابن يختار من يشاء ليحل محله اذا ما رحل لموقع رئاسي آخر. وكل ذلك يتم بشكل ظاهري ليتوافق وضعه مع الشكل القانوني المطلوب فقط، لكنه يظل موجودا، لا بل هو المؤثر وصاحب القرار رغم صغر سنه وتجربته وخبرته التي لا تؤهله لأن يتولى القيادة في شركة ومجال يحتاج لقيادة ذات خبرة واسعة وتجارب طويلة، وما أكثر الأبناء الذين ورثوا المنصب عن آبائهم في شركات مساهمة عامة وليس شركات عائلية دون النظر في ما اذا كان بامكان من ورث هذا المنصب العمل على تحقيق مصالح وطموحات وأهداف المساهمين.
وفي الوقت ذاته، ورغم تقديري للقيادات الشبابية نرى ان اغلبهم اقحم رغما عنه في ان يكونوا قياديين ورؤساء دون مقومات القيادة الضرورية، فقط هو حب التملك والهيمنة!
أيضا هناك تجاوز لافت على من اختار ان يساهم بقناعة في شركة ما وبغض النظر عن مقدار ملكيته، وقد تكون هي حصيلة كل ما يملك بانتظار مردود ليس بالضرورة بعد سنة او سنتين، فقد يستمر لفترات زمنية يتعدى مداها السبع سنوات واكثر لبعض الشركات التي اختارت اسواقا واعدة وذات حركة نمو متسارع دون ان يحصل هذا المساهم لا على ارباح سنوية ولا حتى ارباح رأسمالية، ولا ان يكون هناك بارقة امل في ان استثماره في بعض الشركات سوف يعود عليه بالفائدة المرجوة او حتى يستطيع استرداد رأسماله الذي ساهم به، في الوقت ذاته الذي تقوم فيه هذه الشركات بالانفاق بسخاء على موظفيها وقيادييها من رواتب ومكافآت مجزية لجهازها ومستشاريها ومجلس ادارتها، هنا يجب ان يظهر دور الجهات الرقابية و/أو الجهات الحكومية المستثمرة في السوق، وهو الدور الغائب او المغيب، وان تعمل هذه الجهات على تصحيح بوصلة مثل تلك الشركات وان تدفع نحو تطعيم مجالس ادارتها بكفاءات وخبرات بعيدة عن المحاصصة.
واخيرا نضيف ايضا ان نسبة المشاركة في الكثير من الجمعيات العمومية لا تتعدى الحد الادنى لقانونية الاجتماع مما يعني العزوف وعدم الرضا من المساهمين، ذلك يستحق ان يدرس ويتابع والا نرضى بقانونية الاجتماع بحدوده الدنيا.
والله وحده الموفق..
سامي فهد الإبراهيم
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق