“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” (الحجرات 6).
يتصف المصابون بضعف النضج الانفعالي “بالاعتماد على الغير, والحاجة إلى العطف وإلى التقبل الاجتماعي, وببقاء حاجاتهم الطفولية, وباستجاباتهم للإحباط وخيبة الأمل بالتجهم والضجر, كما نلاحظ عليهم التفاخر الزائف بطريقة لا نتوقعها من البالغين” (نجار 600), أعتقد أن الإنسان البالغ ذهنياً وعاطفياً من المفترض أن يتبع أساليب شخصية رزينة ويأتي بتصرفات عقلانية تدل على بلوغه. فلا يتوقع الناس من الإنسان البالغ الاقدام على تصرف طائش أو أن يأتي أمراً لا يتناسب مع بلوغه العمري وخبرته الحياتية. فتجريح الآخرين أو المساس بذممهم كذباً وزوراً وبهتاناً تدل على عدم النضج الانفعالي. ومع أنه يوجد أطفال يتمكنون غالباً من السيطرة على بعض إنفعالاتهم العاطفية بسبب التربية التي تلقوها, ولكن الطيش والاستهتار وقلة النضج الانفعالي عند بعض من يفترض أن يكونوا بالغين تتحول إلى علامات سلوكية صارخة ومليئة بالجلافة, وتدل أيضاً على قلة الخبرة الحياتية والانقياد وراء الأهواء الشخصانية المتقلبة. فالإنسان البالغ من المفترض أن يمارس تصرفات بالغة تتناسب مع عمره ويقول كذلك حديثاً عقلانياً ومنطقياً يتوافق مع ما هو منطقي وعقلاني. فمن ينتهج أساليب الفوضى البلاغية والتجريح والمبالغات, ويبدو انه يسعى الى تشويه سمعة معارضيه في الرأي عن طريق المساس بذممهم من دون دليل لا يُظهر نضجاً ذهنياً أو عاطفياً يتوائم مع مرحلته العمرية الافتراضية.
إضافة إلى ذلك, تقل القيمة المؤثرة في المجتمع لمن ينتهج غالباً أساليب التجريج الشخصاني ومن يلقي التهم المفبركة ضد الآخرين. فكيف يثق الانسان العاقل بذلك الشخص والذي يتناقض سلوكه وتصرفه ولسانه مع ما هو من المفترض أن يخرج من فم إنسان عاقل وصل مرحلة بلوغ عمرية تؤهله لمزيد من الحكمة والتعقل وضبط النفس. فمع مرور الوقت, سوف تنزل القيمة الفعلية لذلك الشخص والذي تتناقض تصرفاته وألفاظه اللاذعة والمتهورة مع ما يقبله العقلاء والحكماء والناس البالغين. فالإنسان ينضج فكرياً وعاطفياً مع مرور الزمن لأنه من المفترض أن يتجاوز مراحل الطفولة, ولأنه من المفترض أيضاً أن يبدأ يكتسب مزيداً من القدرة في السيطرة على إنفعالاته. فالإنسان العاقل والذي يعرف أنه على حق في ما يقول أو في ما يتخذه من مواقف لن يضطر إلى إتباع أسلوب لفظي أو كتابي يبدو يشير إلى التهور والفوضى الانفعالية.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق