لا يخفى على أي متابع للشأن العام في الكويت حجم الفساد المستشري في أجهزة الدولة ومؤسساتها، والضعف الذي تعاني منه الإدارة، وصعوبة الارتقاء بمشاكل البلاد إلى بر الأمان.
وعندما تنادي المعارضة السياسية في البلاد بمطالبها الإصلاحية فهي بلا أدنى شك محقة، بل هو ما يجب أن يكون في ظل تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية القائمة اليوم! وبالتالي لا نملك إلا مباركة المنحى الإصلاحي وتأييده إلى أبعد الحدود، ما دام ينشد إخراج البلاد من تلك المشاكل المتفاقمة.
ولكن، هل هذه المعارضة الموجودة حاليا اليوم مؤهلة لقيادة الإصلاح في البلاد، ومواجهة كم المشاكل وحلها؟! الجواب هو لا.. وألف لا أخرى، والسبب يكمن في أمرين رئيسيين هما: من ركب «كبينة» القيادة وهو لا يملك أبسط مقومات الأهلية، والنهج المتبع الذي أقل ما يمكن وصفه أنه نافر، ولا يمكن أن يستسيغه أهل الكويت، ناهيك عن تبنيه أصلا.
نعم.. تلك هي المعضلة التي شوهت الحركة الإصلاحية في البلاد، وأفشلت مطالبها الحقة، ودفعت البلاد إلى التأزيم بلا معنى.
شخصيات بعضها «سايكوباتية»، تعاني عقدا وأمراضا نفسية، وتريد تفريغها على المجتمع، مستغلة ظروف الناس الصعبة، وشخصيات أخرى «وصولية» ترفع شعارات ذات مصلحة عامة لتجييرها لاحقا لمصالحها الخاصة، وشخصيات ثالثة «حزبية» لديها أجندات ضيقة وارتباطات مبهمة لا تنسجم والمصلحة العامة، ولا تتناسب مع الذوق الشعبي العام في بلادنا.
أما المعضلة الأخرى، فتكمن في المنهج الذي اتبعه هؤلاء لتحقيق الإصلاح، والذي نضع عليه الكثير من علامات الاستفهام، كونه أدى إلى انحراف المسار الإصلاحي، وسلب منه الجاذبية، بل أكثر من ذلك، أنه عزز ثقافة الكراهية والتفريق بين الناس وفق العرق والأصل والمذهب، واتبعت تلك المنهجية أسلوبا إقصائيا إلغائيا في نظرتها، وبذاءة في اختيار لغة التعاطي مع المخالف.
أما بعد الانقسام الكبير الذي حصل في صفوف المعارضة، وابتعاد المواطنين عنهم، واستمرار عجلة العمل بين الحكومة والمجلس، والضعف الشديد الذي بدا فيه قادة المعارضة ورموزها في مواجهة التصعيد السياسي، أحسب أنه جاء الوقت لتقف الآلة المحركة للمعارضة وقفة مسؤولة، أشخاصا كانوا أم أحزابا.. ليراجعوا كم الضرر الذي سببوه للبلاد والعباد باختيارهم هذا المنهج النافر، وبتساهلهم مع قيادات غير مؤهلة لقيادة المرحلة.
وما العيب في أن تعلن أنها فشلت في اختيار الطريق الصحيح، وأنها ستستغني عن هذه الأسماء الموتورة التي ترمي نفسها في المقدمة، وتصرح مع كل شاردة وواردة من الأحداث، وأن تبدل أسلوبها ومنهجيتها لتسير على الطريق الصحيح المنفتح الجاذب، حينها يمكن أن يكون لنا حديث آخر في تقييمها.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق