نحن أكثر من جاهر بضرورة وحتمية التعديلات الدستورية لانقاذ ما يمكن انقاذه من ديموقراطية كويتية متعثرة.
بل ونحن ممن وصف القائلين بــ«لا لتنقيح الدستور» أو «إلا الدستور» بانهم يخنقون الدستور عمدا وكراهية… أو غباءً.
اليوم تتعالى اصوات البعض بضرورة تعديل الدستور!. بل والبعض تقدم بمقترحات محددة للمواد الدستورية التي يريد تغييرها!. والبعض يقرأ في التعديلات التي يقترحها انقلاباً على الدستور الحالي ونظام الحكم القائم!!
ونحن بداية نشمئز من المطالبين اليوم بهذه التغييرات إذا كانوا في الاصل من دعاة «الا الدستور» وممن حارب وكفّر حتى من حاول ان يفكر بصوت مرتفع لتنقيح الدستور كما حدث مع الفاضل علي الراشد.
ومن مبدأ وقناعة بان من كان يسير في اتجاه الجنوب لسنوات وعقود وهو يسحب الناس خلفه، لا يحق له ان يغير اتجاهه نحو الشمال ويسحب الناس خلفه دون لحظة توقف يشرح فيها سبب تغيير اتجاهه، ودون تقديم اعتذار رسمي على غباء فكرة المسير نحو الجنوب.
هذا التصرف الاخلاقي مطلوب قبل ان نفكر مع من غير دربه ونؤيد فكرة المسير الى الشمال. ومن يفتقد هذه القيمة الاخلاقية في التعامل مع الجمهور لا نظن انه يستحق الاحترام او التقدير او المناصرة.
وما لا يفوتنا هنا هو ملاحظة ان العم بوعبدالعزيز الذي اسس لثقافة «لا لتنقيح الدستور» والذي صارخ بـ«الا الدستور» على مدى سنوات في مقراته الانتخابية، نراه اليوم في «صمت الحملان» بلا فعل ولا ردة فعل أو تعليق أو شجب أو تأييد!!
ولكن السكوت علامة الرضى، حتى ولو كانت عند العم بوعبدالعزيز. ومادام هو راضياً عن هذا الخطاب المعاكس لاتجاهه، فلا شك انه راض بالانقلاب على كل الشعارات التي اطلقها و«دوده» الناس بها على مدى سنوات طوال.
برافو احمد السعدون و«هاردلك» جمهور.. ساذج.
– تتعالى الاصوات هذه الايام بالتوجه نحو تغيير الدوائر الانتخابية واللجوء الى نظام الدائرة الواحدة!!.
مرة اخرى، نحن لسنا على استعداد للاستماع لفكرة تغيير الدوائر الخمس الحالية من أي نائب اتشح بالبرتقالي وتظاهر في ساحة الارادة مطالبا بالدوائر الخمس.
فمثل هذا النائب بهذا التاريخ لا يحق له ان يطالب بتغيير ما كافح للحصول عليه من دوائر خمس قبل ان يقف بكل شفافية وشجاعة ادبية ليعترف للجمهور ويعتذر منه على غبائه المفرط في الدعوة والتظاهر للدوائر الخمس!.
فالكويتيون ليسوا فئران تجارب حتى يخضعوا كل ردح من الزمن لتجربة انتخابية يحلم بها مراهق فِكر في ليلة غبراء، ويستحلم بها سياسي محترف للكذب والتلفيق على الجماهير.
فخلال خمسين عاما من الديموقراطية المتعثرة يريدنا البعض ان نخضع لمصالحه أو رؤاه الحولاء لنجرب للمرة الرابعة تقسيمه انتخابية يلعلع بأنها هي الأفضل!.
أفضل لمن يا سيدنا ومولانا؟! وما هي دلالتك المنطقية والاحصائية على النوعية الأفضل من مخرجات انتخابية في الدائرة الواحدة؟!.
وما الذي يجعل فكرة الدائرة الواحدة أفضل عن فكرة الخمسين دائرة بصوت واحد التي ينادي بها البعض، والتي تبدو أكثر واقعية وذكاء من الدائرة الواحدة؟!
ولكن المهم بالنسبة لنا ان من نادى بالدوائر الخمس وتظاهر لأجل إقرارها لا يملك الحق ولا النزاهة في أن يطالب بتغييرها لتوزيع آخر.
– نحن ممن يرى بان من حق الوزير الجديد على أي وزارة ان يملك حق تغيير الطاقم الاداري في وزارته، من الوكيل حتى الفراش، لكي يكون مسؤولا سياسيا عن تصرفاتهم.
فليس من العدل ان نحاسب الوزير عن افعال يرتكبها موظفون في وزارته لم يكن للوزير دور في تعيينهم وربما لم يلتق بهم يوما في حياته.
لذلك فاننا قد نجد العذر للوزير في سعيه لتغيير الطواقم القديمة واستبدالها بطواقم شابه ودماء جديدة كما ينادي الكثيرون. ولكن ما لا نقبله هو تغيير الخبرات النافعة لمجرد التغيير او لاستبدالها بقليلي خبرة أو اصحاب حضوة عند الوزير المعني.
فالايمان بضرورة تجديد الدماء لا تعني ابدا هدر دماء وخبرات اصحاب الاختصاص ذوي التاريخ المشرف قبل وصولهم للسن القانوني الذي يحتم استبعادهم.
بل ان الاستعانة بمثل هؤلاء تبرر في كثير من الأحيان ان يجدد لهم لفترة اطول مما يسمح بها القانون تحت مسميات اخرى كمستشار، لاداء نفس العمل لضرورة الاستعانة بهم وبخبراتهم الفنية، كما في حال الاطباء مثلا.
نعود لتغيير الدماء فنقول ان وصول شخص مسؤول الى السن الذي يحتم الاستغناء عنه او حتى توفر الرغبة السياسية لانهاء عمل هذا المسؤول لأي سبب يراه الوزير. فان المفترض والمهم هو تخريجه ابعاد هذا المسؤول بأسلوب يحفظ له كرامته بقدر عطاءه لوطنه وتفانيه في اداء مهمته التي كان يعمل بها.
فلا يعقل ان يبعد الموظف الذي افنى اكثر من ثلاثين سنة من عمره في خدمة بلده من موقع ما، فيكون ابعاده مغلفا بالصمت والغموض وعدم التقدير او الاهتمام.
نعم لتجديد الدماء، ولكن ليس على حساب احتقار عطاءات السابقين ولا تهميش دورهم السابق وتاريخهم الوظيفي.
لابد ان يكون للمنصب مكانة تحفظ وكرامة تصان حتى آخر يوم عمل لمن افنى زهرة شبابه في خدمة بلده من ذلك المنصب.
اما من كانت عليه ملاحظات تنفيع أو استفادة فيحال الى الجهات القضائية، ولا يترك دون مساءلة أو محاسبة عبر انهاء خدماته أو اقالته فقط.
أعزاءنا
تفسير النصوص الدستورية مقدم على وسابق للحكم على دستورية القوانين من عدمها.
وسحب حق تفسير النصوص الدستورية من المحكمة الدستورية هو تفريغ عبثي لعمل هذه المحكمة.
ووضع تفسير النصوص الدستورية بيد مجلس الامة يجعل المجلس هو من يوجه الحكم على دستورية القوانين بما يمليه من تفسير للنصوص المعنية.
وهذا يجعل تفسير النصوص الدستورية والحكم على دستورية القوانين بيد الاغلبية النيابية المتغيرة مع الزمن والظروف.
فهل هذا ما يطمح له مقترحو التعديل على قانون المحكمة الدستورية؟! أم أنهم فرحون بنشوة الانتماء للأغلبية الحالية التي أفقدتهم التوازن؟!!
نبيل الفضل
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق